قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً} في سبب نزولها قولان:أحدهما: أن رجلاً من غطفان، يقال له: مرثد بن زيد، ولي مال ابن أخيه، فأكله، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل بن حيان.والثاني: أن حنظلة بن الشمردل ولي يتيما، فأكل ماله، فنزلت هذه الآية، ذكره بعض المفسرين. وإنما خصّ الأكل بالذكْر، لأنه معظم المقصود، وقيل: عبّر به عن الأخذ.قال سعيد بن جبير: ومعنى الظلم: أن يأخذه بغير حق. وأما ذكر البطون فللتوكيد، كما تقول: نظرت بعيني، وسمعت بأذني، وفي المراد بأكلهم النار قولان:أحدهما: أنهم سيأكلون يوم القيامة ناراً، فسمي الأكل بما يؤول إليه أمرهم، كقوله: {أعصِرُ خمراً} [يوسف 36] قال السدي: يبعث آكل مال اليتيم ظلماً، ولهب النار يخرج مِن فيه، ومن مسامعه، وأذنيه، وأنفه، وعينيه، يعرفه مَن رآه يأكل مال اليتيم.والثاني: أنه مَثَل. معناه: يأكلون ما يصيرون به إلى النار، كقوله: {ولقد كنتم تمنَّون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه} [آل عمران 143] أي: رأيتم أسبابه.قوله تعالى: {وسيصلون سعيراً} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، {وسيصلون} بفتح الياء، وقرأ الحسن، وابن عامر، بضم الياء، ووافقهما ابن مقسم، إِلاَّ أنه شدّد. والمعنى: سيُحرَّقون بالنار، ويُشْوَوْن. والسعير: النار المستعرة، واستِعار النارِ: توقُّدها.فصل:وقد توهم قومٌ لا علم لهم بالتفسير وفقهه، أن هذه الآية منسوخة، لأنهم سمعوا أنها لما نزلت، تحرج القوم عن مخالطة اليتامى، فنزل قوله: {وإِن تخالطوهم فإخوانكم} [البقرة 220] وهذا غلط، وإِنما ارتفع عنهم الحرج بشرط قصد الإِصلاح، لا على إِباحة الظلم.